لقد ركزنا في الفصول السابقة على الأطفال، وعلى ما يمكن أن يفعله أولياء الأمور لهم، نتحول الآن إلى الحديث عن العلاقات بين الوالدين، وما يجب أن يقوما به؛ كي يعتنيا بنفسيهما وبالعائلة كلها، فليس سهلاً أن تكون والدًا لطفل موهوب، بل إنه لأمر مرهق أحيانًا، وقد أصبح هذه الأيام أكثر تعقيدًا ممّا كان عليه في العقود السابقة.
ولا شك أن طرق رعاية الوالدين لأطفالهم -حاليًا- قد اختلفت عمّا كانت عليه منذ أيّام والدينا، وأيّام أجدادنا من قبل، في تلك الأيام، حيث كان من المألوف أن يأخذ الأب ابنه الصغير إلى مخزن الحطب، ويجلده بحزامه الجلدي. أما في هذه الأيام فقد غدت أساليب رعاية الأطفال أكثر ديمقراطية، وأقل أعتمادًا على العقاب.
كان يسمح للأطفال قديمًا أن يتواجدوا حيث يوجد الكبار، شريطة التزامهم الهدوء على مبدأ «يروا ولا يسمعوا»، ولكننا اليوم نشجعهم على التحدث إلينا، ومشاركتنا أفكارهم ومشروعاتهم. كما اختلفت توقعاتنا من أطفالنا هي الأخرى، فقد ساعدتنا بحوث الدماغ الحديثة على أن نفهم متى يكون الأطفال أكثر استعدادًا للتعلّم، وكيف يكون ذلك، حيث أشارت هذه البحوث إلى قدرة أطفالنا في بعض الميادين، على تعلّم أكثر ممّا كنّا نتوقّع منهم.
إن أساليب رعاية الأطفال تتغّير يومًا بعد يوم، حيث تكافح الأجيال الشابّة لتلحق بالتوصيات التي تمخضت عنها آخر البحوث ونصائح الخبراء، ومن ثم تقويم المعلومات الجديدة في ضوء القيم والممارسات التقليدية، علاوةً على ذلك فقد أضعفت بعض التغيرات التي حدثت في المجتمع تأثير الوالدين، وقللت من دعم العائلات الممتدّة، إذ يعيش بعد أفراد العائلة الواحدة هذه الأيام بعيدين جدًا عن بعضهم بعضًا، وأصبحت التغيّرات التكنولوجيّة والاستهلاكيّة والاجتماعيّة من العوامل المهمّة التي تؤثر في أطفالنا، وهذه بالطبع مجرّد بعض الصعوبات التي تواجه رعاية الأطفال.