النماذج ‬المرحلية ‬للمعرفة ‬الإبداعية
 توحي فكرة إيجاد المشكلة بإمكانية وصف التفكير الإبداعي بدقة. وهذه نقطة جدلية، مع أنها تنسجم مع خطوط متعددة من البحث المعرفي. وهذا الافتراض الذي يفيد بإمكانية وصف التفكير الإبداعي هو الذي قاد "والاس" منذ فترة طويلة إلى وصف العملية الإبداعية في أربع مراحل. فقد اقترح أن العملية الإبداعية تتضمن "الإعداد"، و"الحضانة"، و"التنوير" و"التحقق".‬‬‬
 
وتتضمن مرحلة الإعداد كلاً من تحديد المشكلة وتعريفها، إضافة إلى جمع المعلومات وغيرها. ولا شك أن إضافة مرحلة التحقق تستحق التقدير لأنها تسمح للشخص المبدع بالتفكير والتفحص. وتزداد أهمية التحقق عندما نعرف أن الإبداع يتطلب كلاً من الأصالة والفاعلية. فقد تكون المشكلات أكثر فاعلية خلال بعض صور التحقق، وقد أضافت التطبيقات الحديثة لهذه النظرية المرحلية الاستدعاء الذاتي، حيث إن الفرد قد يعود عدة مرات إلى المراحل الأولى، ويسير في هذه العملية بشكل دائري كلما احتاج إلى ذلك، فالمسألة ليست مسألة خطية أبدًا.‬‬‬
 
وتتضمن المرحلة الثانية، أي الحضانة، المعالجة اللاشعورية للمعلومات. وهو متطلب عام نسبيًا في نماذج العملية الإبداعية. وتعد الحضانة مرحلة مهمة لأنها تفسر كيفية إحراز التقدم في المهمة، حتى لو كنا لا نفكر في المشكلة على مستوى الوعي. وتفسر الحضانة عادة بأن العمليات الترابطية تكون في قمة نشاطها متحررة من الرقابة التي يفرضها عليها العقل الواعي.
 
والحضانة ليست مسألة يقدرها علماء التحليل النفسي ومحبو التنويم المغناطيسي فحسب، فقد كان "جيلفورد"، وهو من علماء القياس النفسي، يحترم الحضانة، فقد كتب يقول "تنصب فرضيتي الأساسية على تفسير التقدم الفعلي الذي نحرزه في فترة حضانة لا تبدو نشطة ظاهريًا، فهي تنسب هذا النوع من التقدم إلى تحويل المعلومات لأشكال جديدة". لقد أدرك "جيلفورد" أن الحضانة تسمح للترابطات الواعدة أن تتشكل من خلال تزويدها بالوقت اللازم للتحولات المعرفية. ولم يكن من الغريب، عندئذ، أن يوجه "جيلفورد" جهوده التجريبية نحو الفترات الزمنية التي تفصل بين الأفكار التي يطرحها المفحوصون استجابة لمهام التفكير التباعدي.
 
أوضح "سميث" و"دودس" (Smith and Dodds, 1999) عدة تفسيرات للحضانة، منها:
(1) تحدث بعض الأعمال الشعورية المتقطعة في أثناء فترة الحضانة.
(2) تسمح الحضانة بالتخلص من الإجهاد الذي أصاب الفرد نتيجة للعمل الواعي.
(3) تنسى الحالات العقلية غير المناسبة ولا تعود تؤثر في التفكير أو في حل المشكلة.
(4) يمكن التوصل إلى الترابطات البعيدة بكل سهولة.
(5) يمكن أن يصبح الفرد قادرًا على إيجاد تلميحات سارة وعلى تمثل البيانات التي يعثر عليها صدفة في مرحلة الحضانة.
(6) تصبح الترابطات أوسع وأشمل لأن العقل الواعي يكون مسترخيًا أو مركزًا على مجالات أخرى.
 
وقد عرّف "سميث" و"دودس"الحضانة (1999، ص390) بأنها "مرحلة من مراحل الحل الإبداعي للمشكلة تترك فيها المشكلة جانبًا بعد مرور فترة من العمل الأولي عليها". أما المرحلة الأكثر شهرة في نموذج "والاس" (1962) فهي مرحلة "التنوير" لأنها تقود إلى خبرة "وجدتها". وتعرف مرحلة التنوير كذلك "بالاستبصار". ويكون الاستبصار في معظم الحالات أحاديًا، فقد نواجه مشكلة، فيقفز أحد الحلول إلى أذهاننا كمصباح كهربائي تم تشغيله. يكون التفكير الاستبصاري، في ذلك الضوء، (وهنا تورية أخرى), مختلفًا عن التفكير التباعدي، حيث تنشأ الأفكار المتنوعة.
 
 
 
 
 
 
 
المصدر:
 
أخر تحديث : الأربعاء - 07/08/1438
464عدد المشاهدات