أنواع الملكية الفكرية

أنواع الملكية الفكرية

  يمكن تصنيف مكونات وحقوق الملكية الفكرية إلى مجموعتين:

1- مكونات الملكية الفكرية التقليدية: وهي المكونات والحقوق المعروفة وتتمتع بالحماية وهي: الأسرار التجارية، والبراءة، والعلاقة التجارية، وحق النشر.

2- المكونات والحقوق الرقمية للملكية الفكرية: وقد ظهرت في ظل الإنترنت، وذات طبيعة رقمية في جانبها الأهم وتشمل البرمجيات، قواعد البيانات، والمواقع الالكترونية.. إلخ.

 

أولا: الحقوق التقليدية للملكية الفكرية

 

أ. الأسرار التجارية

     إن السرية التي هي سمة الحصر في استخدام المعلومات أو تداولها تقابل مفهوم النطاق العام (Public Domain) الذي يشير إلى أن المعلومات تكون شائعة الاستخدام للجمهور. والأسرار التجارية (Trade Secrets) هي طرق العمل وخططه وتفاعلاته، التي يتم حمايتها من خلال القانون، ومن خلال الإلزام التعاقدي المباشر. كما هو الحال في عقود استخدام العاملين التي يجب أن تتضمن تحديدا لالتزاماتهم المتعلقة بالسرية التي إن خرقوها يتعرضون للمسائلة القانونية(1). وهذا ما تقوم به الشركة أيضا في اتفاقاتها مع زبائنها في مطالبتهم بعدم كشف هذه الأسرار، وفي الوقت نفسه فأنها تعمل على حماية هذه الأسرار من التحول إلى النطاق العام(2).

 

ب. براءة الاختراع 

   إن براءة الاختراع (Patent) هي وثيقة قانونية تمنح المبتكر أو الشركة المالكة للابتكار حقا احتكاريا على الأفكار أو المعارف التي تتضمنها، والقابلة للتحول إلى آلة أو جهاز أو طريقة عمل أو خدمة محددة، ولا يمكن استخدامها من الآخرين إلا بإذن من المالك أو التزام تعاقدي. والبراءة هي الشكل الأكثر استخداما والأكثر أهمية في التعبير عن الابتكارات والانجازات التكنولوجية التي كانت الأساس في التطور منذ العصر الصناعي حتى الآن.

 

 ج. العلامات التجارية

     إن العلامة التجارية (Brand) هي نتاج تاريخ الشركة ونجاحاتها في الجودة (خصائص أفضل من المنافسين)، أو الخدمة (إيفاء متكرر أفضل لحاجات الزبون)، والثقة (علاقات معول عليها ومخاطرة شراء أقل)، والتفوق (البقاء في المقدمة لفترة طويلة نسبيا).. إلخ. لهذا كله يكون من حق الشركة أن تحقق منافع أو علاوة سعرية من علامتها بالاستخدام، ومنافع وعوائد مالية من ترخيص استخدام علامتها التجارية المحمية بالقانون كأحد الحقوق الرئيسية للملكية الفكرية، والعلامات التجارية يمكن أن تكون علامات المصنّع أو الموزّع، كما قد تكون فردية (تخصص لمنتج معين)، أو عائلية (العلامة تستخدم لمجموعة من المنتجات وترخص لشركات أخرى)، وهناك العلامات المشتركة (Co-Brand) (كما في استخدام علامتين على منتج واحد (3).

 

د. النماذج الصناعية

    النماذج الصناعية (Industrial Models) أشكال ومجسمات ثلاثية الأبعاد، وتستخدم فيها الخطوط والألوان التي تعطي مظهرا معينا يستخدم في الصناعة أو في الحرف، وتتمتع بالحماية القانونية جراء الخصائص المتميزة الجديدة التي تتسم بها.

 

هـ. حق النشر

     إن حق النشر أو المؤلف (Copyright) من الحقوق القديمة المحمية بالقانون. حق النشر أسهل في الحصول من براءة الاختراع، كما أن الفترة الزمنية التي يغطيها هي أطول من فترة حماية البراءة. وهذا ما يظهر جليا في أن حق النشر يستمر طوال حياة المؤلف، كما أن بعض القوانين تجعل هذا الحق يستمر لفترة تمتد إلى سبعين سنة بعد موت المؤلف(4). ومع ذلك فإن حق النشر يتضمن كل قواعد حماية الملكية في الحق الحصري للمؤلف في عدم إعادة إنتاج العمل الخاضع لحق النشر إلا بعد أخذ الموافقة منه مع القدرة على منع الآخرين من عمل نسخ منه. وهناك شروط أساسية لابد من توافرها في العمل الذي يحصل على حق النشر هي(5):

1- التثبيت: أي أن يكون معبرا عنه بشكل مادي، والتوصل إليه أولا كنص مكتوب كما في الجداول أو المصنفات (Compilations) كقواعد المعلومات، والوثائق، والصور، والرسوم، والأكثر حداثة يتمثل ببرامج الحاسوب.

2- الأصالة: أن يكون العمل أصيلا وقيمته أصيلة.

3- الحقوق المعنوية: إن العمل الإبداعي هو في جانب منه عمل مادي، يمثل المصلحة المادية للمؤلف في نشره وتقديمه وإيصاله للجمهور، وهذا ما يسمى الحق الاقتصادي الذي يحمى بالوسائل القانونية. وفي الوقت نفسه هو جزء من الملكية الفكرية للمؤلف وشخصيته الإنسانية مما يخرج عن نطاق المصلحة المادية. وكل شيء له قيمة أعلى من الملكية المادية ويوجد خارج الشخصية يمثل الحق المعنوي (Moral Right)(6).

     ولابد من التأكيد أن حق النشر الذي يضمن بالدرجة الأساسية الحماية القانونية للمؤلف المبدع، ترد عليه استثناءات في مقدمتها(7)

(1) الاستثناء المتعلق بالاستخدام العادل (Fair Use)، كما في حالة استخدام العمل الخاضع لحق النشر لأغراض تعليمية أو نقدية أو لأغراض البحث والدراسة أو التلخيص.

(2) إن قوانين حق النشر لا تحمي الأفكار، والمفاهيم، والمبادئ، والقوانين العلمية، والخوارزميات. والواقع أن هذا الاستثناء يقوم على عدم المبالغة في الحماية القانونية لحق النشر لأن مثل هذه المبالغة لا تحد فقط من الاستفادة من الابتكار، وإنما يمكن أن تحد من الابتكار اللاحق.

(3) الاستثناء المتعلق بالمصلحة العامة: وهذا الاستثناء يتعلق بتجاوز حق المؤلف بعمله الإبداعي عند عزوفه عن نشر هذا العمل. إذ يكون من حق السلطة العامة أن تأخذ العمل وتنشره (حتى دون رغبة المؤلف) على أن تقدم تعويضا مناسبا لصاحبه(8).

(4)- الاستثناء الخاص المتعلق بالمكتبات: إن مناقشات قانون حق النشر في الألفية الرقمية (DMCA) من أجل حماية الأعمال الخاضعة لحق النشر، أكدت على التزام المكتبات بحظر استخدام التكنولوجيا الرقمية في الاستنساخ للمحافظة على الأعمال. وأقر لهذه المكتبات بعمل ثلاث نسخ فقط: نسخة الحفظ والأرشيف، والنسخة الأصلية (Master Copy)، ونسخة الاستعمال (أنظر الموقع http://www.uspto.gov).

(5) الأعمال غير المحمية: إن الأعمال الرسمية والوثائق الحكومية وأخبار اليوم والنشر في الصحف والمجلات والتقارير الإخبارية لا تتمتع بالحماية وإن كانت العادة جرت على إشارة إليها عند عرضها أو النقل عنها.

 

ثانيا: الحقوق الرقمية للملكية الفكرية

    إن الملكية هي الامتداد الأقوى لقدرة الفرد أو الشركة، وهذا ما يمكن أن ينطبق على حقوق الملكية الفكرية التقليدية، وعلى مكونات الملكية الفكرية الرقمية التي تسمى أيضا الحقوق الرقمية (Digital Rights) .

    إن المكونات الرقمية (البرمجيات، قواعد البيانات، المواقع الالكترونية.. إلخ) تدخل ضمن هذه الحقوق،  شأنها شأن المنتجات المادية والفكرية التقليدية، إذا ما توفرت فيها شروط شمولها بالحماية القانونية. ولكن بالمقابل لابد من مراعاة الخصائص المتميزة لهذه المكونات، وخصائص الإنترنت كشبكة عالمية سريعة الإرسال، والنسخ، والتقاسم، للمعلومات وغيرها مما يؤثر على الحقوق الرقمية تأثيرا كبيرا.

    ونعرض فيما يأتي لمكونات الملكية الفكرية الرقمية أو الحقوق الرقمية:

 

1- البرمجيات

        البرمجية (Software) خلاف الأجهزة (Hardware) هي تعليمات وقواعد ونماذج تساعد على معالجة البيانات، والقيام بالوظائف المحددة التي صممت من أجلها بسرعة فائقة. والبرمجيات   هي من أكثر المنتجات الرقمية حاجة للحماية، لأنها الأكثر عرضة للقرصنة. بل إن قرصنة البرمجيات (Piracy S. ) لا يكاد يخلو منها بيت من بيوت المستخدمين للحاسوب أو الإنترنت. ويشير لوكس (H.C.Lucas) إلى أن قرصنة البرمجيات في بعض الدول تقدر بحوالي (90-98 ٪) من مجموع البرمجيات المستخدمة فيها،  وإن محامي مايكروسوفت يقدرون أن الشركة خسرت ما يعادل نصف عوائدها عبر العالم عن طريق القرصنة(9).

وعلى الرغم من أن البرمجيات (بنوعيها برمجيات النظام وبرمجيات التطبيق) كانت موجودة قبل الإنترنت والاستخدام التجاري الواسع لشبكات الأعمال، إلا أنها أصبحت في ظل الإنترنت تشكل القدرة الفكرية والخبرة العظيمة التي تحرك اقتصاد المعلومات كله والمصدر الأكثر فاعلية وكفاءة في صنع الثروة في الأعمال الإلكترونية.

ومع أن البرمجية  تأليف شأنها شأن أي بحث أو كتاب - مما يتطلب شمولها بحماية حق النشر - إلا أنها قد تكون بمثابة نظام أو طريقة جديدة لتأدية الوظائف أو الأعمال، لذا فإنها تخضع أيضا إلى حماية قانون براءة الاختراع.

إن التوجه العام سواء على الصعيد الوطني في كل دولة، أو على المستوى الدولي (كما في المنظمة العالمية للملكية الفكرية)، يميل إلى توسيع التشريعات الحالية لتغطي المنتجات الرقمية وفي مقدمتها البرمجيات. وإن كان البعض يرى أن القوانين الحالية لا تصلح لأن تطبق عليها، وأن الحاجة ماسة لأنظمة جديدة لحقوق الملكية الفكرية في الاقتصاد الجديد(10).

 

2- قواعد البيانات الالكترونية

    لا يشترط بقواعد البيانات أن تكون الكترونية لكي تكون محمية بقوانين حماية الملكية، شأنها شأن الأعمال الأخرى التي تتوافر فيها متطلبات التمتع بالحماية القانونية. فهذه القواعد تبنى (تؤلف) للقيام بوظائف أسرع وأرخص، وبمهنية عالية مما يمنحها مبررا للحماية. فهي تتمتع - بكونها طريقة جديدة لمعالجة وظائف معينة تم التوصل إليها بقدرات عالية - بحق البراءة مثل أولئك الذين يبتكرون طرقا جديدة ذات قيمة وظيفية عالية التي يمكن أن تنعكس على جودة أفضل، وتكلفة أقل، وأداء أسرع تبرر حمايتها. كما أن مثل هذه القواعد قد تتمتع - من جانب آخر -  بحق النشر الذي يتمتع به أولئك الذين يبدعون أعمالا من مختلف الأنواع، مما يحميها من الاستنساخ واستغلال الآخرين. ويعمل البعض من أجل حمايتها بحق خاص هو حق قاعدة البيانات (Database Right)، ووفقا لذلك تعرف قاعدة البيانات بأنها مجموعة من الأعمال، والبيانات، والموارد الأخرى التي ترتب بطريقة منهجية ونظامية قابلة للوصول إليها بوسائل الكترونية أو غيرها على أن تكون أصيلة(11).

 

 3- الموقع الالكتروني

     الموقع الالكتروني هو توصيف للمعلومات (نصوص، صور، رسوميات.. إلخ) التي تعرض على صفحات الموقع الالكتروني الخاصة بالشركة. والموقع الالكتروني هو من نتاجات الإنترنت بعد استخدامها لأغراض تجارية إذ أصبح ممثلا لقدرات الشركة في التصميم، والعرض، والإعلان، والإقناع، وتقديم الخدمات، والتفاعل، والبيع، والشراء، وغيرها مما يمكن تلخيصه بكونه طريقة متميزة خاصة بالشركة في تقديم الأعمال؛  ولأنه كذلك فإنه يمكن أن يتمتع بالحماية القانونية. كما أن الموقع الالكتروني يحمل اسم الشركة وترويستها الإعلانية مما يجعله يتمتع بالحماية القانونية الخاصة بالعلامة التجارية. لأنه يمكن أن يعرض منتجات رقمية كالألعاب والكتب والبرمجيات لذلك يحظى بالحماية القانونية الخاصة بحق النشر.

      لقد حصلت شركة أمازون على براءة الاختراع (التسوق بنقرة واحدة One-Click Shopping) على الانترنت، وبعدها شركة (Priceline) على مزاداتها المعاكسة(12). لتبدأ فترة جديدة من إمكانية الحصول على براءات الاختراع لنماذج الأعمال التي يتم تصريفها وتأديتها عن طريق الموقع الالكتروني.

 

أخر تحديث : الإثنين - 26/06/1434
10338عدد المشاهدات