يحظى الابتكار والممارسات الابتكارية بأهمية أكبر في المجتمعات الحديثة، حيث يتغير المفهوم والممارسة عبر الزمن؛ ففي القرون الوسطى، غالبًا ما ارتبط المصطلح بالابتكار الناشئ عن النشاط البشري، في حين يُربط اليوم بصورة أكثر مباشرة بإمكانية التطور الاجتماعي والاقتصادي المستدامين.
مفهوم الابتكار ولمحة تاريخية
هو أوسع بكثير من مجرد الابتكار التقني، مع أن التقنية تستمر في كونها دافعًا مهمًّا للتغيير، لا سيما في القرنين الماضيين، يفهم غودن (2008) الابتكار بمعنى محدد، حيث تؤدي الأحداث والأمور في العالم لنشوء فئات جديدة، وهذه تسهم في حدوث التغيرات الاجتماعية والمادية في العالم وتمكن من حدوثها، وتؤدي مرة ثانية إلى معان جديدة تُعطى للمفاهيم مثل الابتكار، ففي عصر النهضة، آمن الحرفيون بأن التقليد ممارسة مفيدة، ترتبط بصورة وثيقة بفكرة الابتكار- الابتكار؛ وهي محورية لمفهوم الابتكار نفسه، وبالنسبة لنيومان (1989)، عنى ذلك أن الفن يقلد الطبيعة كما ادعى الكيميائيون. وعُدَّ التقليد وقتها عملاً يتطلب الجهد، والخبرة، واتخاذ القرار الصائب، والخيال، وعُدَّ أيضًا ضروريًّا، وتجريبًا، وحكمًا، وخيالاً، ومع بداية الثورة الصناعية في إنجلترا، رُبط التقليد بالابتكار؛ لأنه أسفر عن سلع جديدة، وليس استقدام الإمكانية الحقيقية فقط لتلبية الطلب بالانتشار والاتساع؛ ولكن بفعل ذلك تحسين النوعية والتصميم، ونتيجة لذلك أصبح الابتكار بالتقليد -مع أنه ليس أساسيًّا- مرتبطًا بالابتكار الاشتقاقي الذي يأتي على دفعات، وتطور المفهوم والممارسة من مجرد النسخ.
كتب جوزيف سكمبيتر بكثرة عن الابتكار في القسم الأول من القرن الماضي، وربما كان المفكر الأكثر تأثيرًا عن الابتكار، والاقتصادي الأول ليضم الموضوع ضمن نظرية التطور الاقتصادي. ويرى سكمبتر (1961م) أن الابتكار هو سبب هذه الظاهرة، ويرى أن الابتكار كان أساسيًّا للبقاء التنافسي؛ حيث تتخلف الأمم، والأقاليم، والمشروعات عندما لا يكونون مجددين كمنافسيهم؛ الأمر الذي ينتج منه تفاوت كبير في توزيع الثروة بين الدول الغنية والفقيرة.
وفي النصف الثاني من القرن الماضي، استقدم عدد من المؤلفين فهمًا أوسع للابتكار، بما في ذلك الابتكار الاجتماعي الذي يعني إما صورًا تقدم كبيرة في العلوم الاجتماعية، والسياسات الإصلاحية لصالح المجتمع؛ أو حلولاً للمشكلات الاجتماعية. ومؤخرًا، تضم موجة جديدة من المقاربات الابتكارية مفاهيم أصلية مثل الابتكار المفتوح، والاقتصاديات الابتكارية؛ ومجالات لا يُعتقد أنها -في العادة- ابتكارية، مثل الأنشطة التنظيمية والتسويقية، ويرتبط كل ذلك بفكرة أن الابتكار اشتقاقيًّا وعمليًّا هو الآن متعدد المصادر؛ وعليه لا يتأتى فقط عن الجامعات والمخابر البحثية التقليدية.
المصدر:
كتاب"التعليم للابتكار والتعلم للمستقبل" من إصدارات موهبة العلمية