التفكير الجانبي "القبعات الست"
 
برنامج آخر لتنمية الإبداع، ويمكن التقاط فكرته من خلال التشبيه التالي: عندما تواجهك مشكلة أو صعوبة، لا تتعمق في التفكير، وإنما غيّر مكان التفكير ووجهته. كما يستعمل "دي بونو" أيضًا استعارة "قبعات التفكير الست"، التي تشير إلى أشكال التفكير. فالقبعة البيضاء تمثل المنظور الحيادي الذي يسمح للفرد بجمع البيانات والمعلومات واستعمالها. وتمثل القبعة الحمراء انفعالات الفرد وعواطفه ومشاعره وطرائق حدسه. أما القبعة السوداء فتمثل طريقة الفرد في الحكم على الأمور وانتقاداته لها. وتمثل القبعة الصفراء المنظور المتفائل الذي يركز على منافع الحل وفوائده. وتشير القبعة الخضراء إلى الخصوبة، على الأقل فيما يتعلق بالبدائل والأفكار. ويقترح "دي بونو" أن "القبعة الخضراء هي للتفكير الإبداعي..... وللأفكار الجديدة...... والبدائل الإضافية..... ولطرح الفرضيات والاحتمالات الجديدة". وأخيرًا فإن القبعة الزرقاء هي التي تتحكم في عملية التفكير؛ فهي التي تراقب وتلخص. ويرى أن القبعة الزرقاء يرتديها عادة رئيس المجموعة إذا كان العمل الإبداعي جماعيًا، وأنها تستعمل "للتفكير في التفكير"، وهذا ما يعرف في علوم المعرفة بما وراء المعرفة metacognition.
 
ويرى "دي بونو" (1992) أن طريقته واستعماله للقبعات الست سيمكّن المجموعات والمنظمات من تجنب الجدل والمواقف العدائية، ويفترض أن القبعات الست يمكن استعمالها في الاستكشاف التعاوني وتقود بالتالي إلى جهود مثمرة، ومن الواضح أن فائدة أسلوبه تكمن في أن الفرد (أو المجموعة) سيغطي كل الأساسيات، أو يتناول المشكلات من جوانب عدة على الأقل، وبهذا المعنى فإن أسلوبه يشبه العصف الذهني قليلاً، من حيث إن كليهما يؤكدان أهمية البدائل وتأجيل النقد حتى النهاية. ويقترح "دي بونو" على المجموعات أن تتفق فيما بينها على جدول أعمال وتسلسل معين للقبعات، أي أن تقرر المجموعة سلفًا القبعة التي يجب أن يرتديها كل فرد فيها ووقت تبادل القبعات فيما بينهم، بل إنه يقترح أن تخصص المجموعات حوالي أربع دقائق لارتداء كل قبعة من القبعات الست.
 
لقد بنى "دي بونو" أساليبه على نتائج عقود عدة من العمل التطبيقي في عدد كبير من المؤسسات، ولم يتسّن اختبار هذه الأساليب بطرق علمية، وربما يعود السبب إلى أن معظم أفكاره مجازية، مما يجعل فحصها عملية صعبة، أو إلى أن اهتماماته شخصيًا تطبيقية أكثر منها أساسية، ولكن كثيرًا من أفكاره تنسجم مع البحث التطبيقي الرصين، فتحظى، نتيجة لذلك، بدعم غير مباشر. فهناك، مثلاً، دعم واضح لفوائد تأجيل الأحكام الناقدة والانتقال من شكل من أشكال التفكير إلى شكل آخر، ولفوائد التفكير التباعدي طبعًا.
 
 
 
 
 
 
 
المصدر:
 
أخر تحديث : الأربعاء - 07/08/1438
3678عدد المشاهدات