التحديات التي يواجهها معلم الموهوبين
يعتقد الكثير من الأشخاص وبالأخص أولئك المهتمين بمجال الموهبة والإبداع أن معلمي الموهوبين؛ أشخاص يملكون القدرة على الإجابة عن أي سؤال، وأن خبرتهم المهنية هي ما تجعل الحياة أمامهم ممهدة نحو المثالية. هذا ويُنظر إلى معلم الموهوبين أيضأ بأنه القدوة وهو الأفضل على الإطلاق، إلا أن هذه الاتجاهات نحوه قد تدفعه للشعور بالإحباط واليأس معظم الأحيان، وبالأخص أمام الأعداد الكبيرة من الطلبة الموهوبين، فهناك معلومة تفيد بأن كل معلم موهوبين يقابله اثنا عشر طالباً موهوباً من جميع المراحل الدراسية، و يُشكلون شعلة متوقدة من الحماس والنشاط، فعدد الطلبة ونوعيتهم يمثل أحد التحديات الأساسية.
يذكر أحد معلمي الموهوبين: "كونك معلم موهوبين ليس بالمهمة اليسيرة، فنحن كغيرنا من المعلمين نخضع لمهام معينة وقد نفشل في تنفيذ بعضها، كذلك قد لا نكون تواقين حيال مهام أخرى فلا نستعد لأدائها على أكمل وجه".
بالمقابل يفيد بعض معلمي الموهوبين أن ما يدفعهم للعمل هو حس الفكاهة التي يتمتعون بها، إضافة إلى تمسكهم بأفكارهم وطاقتهم الإنتاجية العالية والاحترام المتبادل بينهم وبين الطلبة الموهوبين، فضلاً عن تمتعهم بمهارات لغوية عالية وإيجادتهم لمهارات حسابية متقدمة. وعلى الرغم من إن هذه الصفات التي يصف بها معلموا الموهوبين أنفسهم قد توحي لدى البعض بأن معلم الموهوبين على درجة احترافية أعلى من غيره من المعلمين العاديين، لكن هناك من يقول "كي أستطيع تعليم الطلبة الموهوبين جيداً، وتزويدهم بكل ما يحتاجونه من تعليم خاص، علي أن أطّلع وأتعلم كل شي".
هل يجب أن يكون معلم الموهوبين موهوباً؟
السؤال الأهم هنا، هل من المفترض أن يكون معلم الموهوبين موهوباً؟ أجابت إحدى المربِيات سوزان وينبرت (Susan Winebrenner) على هذا السؤال من خلال تجربة شخصية مرت بها "لقد كنت قلقة حيال هذا الأمر عندما التحقت أول مرة بالبرنامج التدريبي المحلي لمعلمي الموهوبين، فلقد كنت في المعهد تلك الطالبة التي تعمل بجد وتنهل من جميع المواضيع والمناهج المطروحة فيما يتعلق بالموهوبين، وعلى الرغم من كل ما بذلته خلال فترة التدريب إلا أني لم ألحظ اتصافي بملكة الموهبة ولم يلحظها أيضا المدربين من حولي، إلى أن أدركت مع مرور الوقت الإجابة على تساؤلي: "هل من المفترض أن يكون معلم الموهوبين موهوباً؟ وكانت الإجابة بالطبع لا، فالمعلم الناجح في التعامل مع الموهوبين ليس موهوباً بل يمتلك بعض صفات يستجيب لها الطلبة الموهوبين بإيجابية عالية" وهي كالتالي:
أن يتمتع معلم الموهوبين بحماس ممزوج بروح الفكاهة وخفة الظل.
أن يكون مرناً أثناء تعامله مع طرق التدريس المختلفة.
أن تكون لدية مهارة الإنصات والتحفيز على الطرح الموسع للأسئلة
أن يكون واعياً ومدركاً لصفات الطلبة الموهوبين واحتياجاتهم.
أن يكون لديه رغبة في إعداد وتهيئة البيئة التعليمية الملائمة لتعليم الطلبة الموهوبين.
أن يتقبل الأخطاء الصادرة من الطلبة الموهوبين وأن يستخدم معهم سياسة التقبل والتشجيع.
أن يتقبل نقاط الضعف والقوة عند الطلبة الموهوبين وأن يتعامل معها بالطريقة التي تجعلهم لا يشعرون بالحرج ويحصلون على الدعم والتشجيع الكافي
رسالة إلى معلم الموهوبين المبتدئ:
كتب البروفسور جيمس ديلايل (James Delisle) لمعلمي الطلبة الموهوبين المبتدئين في المجال رسالة خاصة تستند إلى تجربته السابقة في تعليم الموهوبين، ومن أجمل ما حوته الرسالة المقطع التالي: "لا تصدق كل ما تقرأه" ويقصد بها الكتب التي أُعدت لتوجيه ونصح معلمي الموهوبين المبتدئين، معللاً ذلك بأنها جميعها لم تخضع لتطبيق عملي داخل فصول الموهوبين، وطلب (جيمس) بدوره من معلم الموهوبين المبتدئ أن يعتمد على أفكاره الخاصة وتجاربه الشخصية، والتي من شأنها أن تسهم في تطوير أدائه داخل الصف.
وبالمقابل فإن من أفضل الكتب المُقدمة لتطوير وتحسين أداء معلم الموهوبين المبتدئ هو ما أوصت به الأستاذه كيولوسس (RitaCulross) كمستشاره في مجال الموهبة، حيث أوصت بالكتب المتضمنة للأنشطة التطبيقية وإرشادات العمل مع الطلبة الموهوبين كمجموعات صغيرة أو كأفراد، وأشادت (كيولرس) بعدد من الكتب القيّمة الموجهه لمعلمي الطلبة الموهوبين المبتدئين، مثل كتاب روبرت ميلجرام (Robert Milgram) بعنوان (تعليم الطلبة الموهوبين داخل الفصول العادية) (Teaching Gifted and Talented Learners in the Regular Classroom).
وبشكل عام إن الأمر لا يقتصر على الكتب فقط، بل هناك ضرورة للتواصل مع المتخصصين في مجال الموهبة والإبداع من خلال ورش العمل، واللقاءات السنوية مابين أولياء أمور الموهوبين ومعلميهم، كل ذلك يسهم في تطوير مهارات معلمي الموهوبين المبتدئين.
ولا ننسى أيضاً إن صفات معلمي الموهوبين تتأثر وترتبط كل الارتباط بتلك العقول الموهوبة الصغيرة، والخبرات التي يكتسبونها من تفاعلهم مع الطلبة الموهوبين، مما يجعل الكثير منهم (أي المعلمين) يعتقدون بأنهم موهوبين.