من خلال تدريبيي لكثير من الطلاب المبتكرين، ولمدة تقارب 17 عاماً، كثيراً ما لاحظت عليهم النرجسية وحب الظهور وتفكيرهم المبالغ فيه، فمثلاً عندما أسألهم عما يريدون أن يخترعوا، يكون جوابهم في الغالب أشياء خيالية أو فوق مستواهم؛ أريد أن أعمل صاروخاً.. أو طائرة تمشي في الأرض وتغوص في البحر!!
ورغم أن الخيال مهم والطموح أيضاً إلا أني أجد أن المظاهر تتغطى على نفسية المبتكر خاصة في البداية، وكأن الهدف هو الاختراع فقط والشهرة، وما أخشاه على المبتكر هو التوقف عما يحمله دماغه من أفكار وأحلام.
ودائماً أحاول أن أوضح لهم أن الابتكار له خطوات علمية وعملية يمكن تعلمها وتطبيقها وليست حكراً على العباقرة، مع تحفظي على العبقرية؛ فكل الناس عباقرة متى ما بذلوا تفكيرهم نحو الاتجاه الصحيح.
إذن يا عزيزي أريد منك الآن أن تتعرف معي على خطوات صناعة الابتكار من البداية إلى النهاية، وسوف تلاحظ أنك تستطيع عمل اختراع مفيد للمجتمع ويحل مشكلة معينة، ويمكن أن تطبق هذه الخطوات مرة أخرى لتبتكر اختراعاً آخر أيضاً.
وعلى سبيل المثال، السيارة تحمل آلاف الاختراعات، وطوّرها آلاف المبتكرين، ومن الصعب في البداية أن تعمل على مشروع معقد يتطلب فريق عمل كبيراً، لكن يمكن أن تتخصص في شيء بسيط في السيارة وتركز عليه..
مثال كيف تعمل السيارة بطاقة الرياح؟!
تمكن أحد المزارعين الصينيين من العاصمة بكين، من تصميم وصناعة سيارة تعمل بطاقة الرياح، المزارع الصيني هو تانغ جيا تشنغ بينغ Tang Zhengping ، ويقول تانغ إن هذه السيارة يمكن أن تسير بسرعة 90 ميلاً في الساعة، وهي سرعة كبيرة جداً، هذه السيارة أيضاً تعمل بالبطاريات والطاقة الشمسية كبديل احتياطي.
وقد استغرق Tang Zhengping ثلاثة أشهر في صناعة هذه السيارة، مقدمة السيارة بها مروحة أمامية ومولد للكهرباء لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح والأجنحة الخلفية للسيارة تحتوي على خلايا الطاقة الشمسية كمصدر بديل للطاقة( http://www.egymodern.com)
وتتلخص خطوات صناعة الابتكار في نظري في أربع أو خمس خطوات هي:
أولاً- الحاجة (المشكلة /التحدي):
يقول المثل المعروف (الحاجة أم الاختراع )؛ فكل اختراع قد صنع لسد حاجة معينة قد تكون مشكلة أو تحدياً أو من أجل الرفاهية أو الحصول على المال.. الخ، فعندما قام المخترع جراهام بل باختراع الهاتف فكر في كيفية حاجة الناس للتواصل عندما تبتعد المسافة وكيف يمكن نقل الصوت البشري.
ثانياً- توليد الأفكار (استخدام تقنية العصف الذهني):
بعد أن تكون قد حددت حاجة مهمة وتسعى إلى حلها، عند ذلك تصبح في المرحلة الثانية مرحلة الفكرة، وهناك عدد من الطرق التي تساعدك في الحصول على كمٍّ كبير من الأفكار حول موضوعك، منها تقنية العصف الذهني، وهي ببساطة، أن تحضر قلماً وورقة، وتدوّن فيها جميع الحلول والأفكار من دون أن تناقشها، فقط اكتب أي فكرة مهما تكون بسيطة أو مضحكة فربما تكون هي الحل أو بداية الحل، بعد أن تدوّن كل ما يخطر على بالك من أفكار حول الموضوع في الورقة, يمكن أن تحصل على 20 فكرة أو 30 فكرة، بعدها اختر منها المناسب للحل.
ثالثاً- تصميم النموذج:
نعم فعلاً بقي خطوة مهمة، وهي تصميم النموذج الذي يوضح فكرة الابتكار وطريقة عمله بشكل ملموس تستطيع أن تتعامل معه بعد أن كان فكرة ذهنية فقط، فكثير من الأفكار يحيطها نوع من الغموض وعدم الوضوح التام، لكن عندما يصبح لها نموذج تتضح أكثر للمخترع أولاً قبل الناس ويمكنه من الإضافة والتعديل والحذف والتطوير ليصل باختراعه الهدف المنشود.
رابعاً- التطبيق:
يقصد بذلك أن يعمل الابتكار بشكل حقيقي ويظل الابتكار قابلاً للتعديل والتطوير لنسخ وموديلات جديدة.
خامساً- التسويق: (مهمة لكن يفضل أن يكتسب المبتكر خبرة ومهارات تسويقية)
التسويق هو أن يصل ابتكارك للمستفيد بسعر منافس وبصورة ميسرة، وعليك أن تبحث عن مهارات التسويق الشخصي أو المؤسسي والاستفادة من المعارض والمؤسسات الداعمة، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي مع حفظ حقوقك.