مقالات
 
   
   
 
 

 
 
share on facebook   Tweet    
 
 
 
 
 

الابتكار الجذري نادراً ما يأتي من الداخل

الكاتب:
جون كاي
 

 

 

 

 


ما مقدار المنافسة الكافية؟ كثير من الأسواق المهمة يهيمن عليها عدد قليل من الشركات الكبيرة، فالشركات الأربع الكبرى في مجال المحاسبة تضطلع بأعمال التدقيق لجميع الشركات الكبرى تقريباً. ومعظم الحسابات الجارية موجودة في عدد صغير من بنوك التجزئة. ومن الممكن أن يكون هناك مجال للاختيار بين ثلاث إلى أربع شركات للهاتف الجوال. ومن الممكن بكل سهولة توسيع سلسلة الاحتكارات المتشابهة في قطاعات أخرى.


في جميع هذه الصناعات تنبئك الشركات القائمة بأنها ترحب بالمنافسة، لكنها ستقول لك في الغالب: إن العدد الموجود كاف وزيادة. ويوجد أمام المستخدمين بالفعل خيار واسع من المنتجات وشركات التزويد، وبالتالي الإجراءات الرامية إلى تشجيع دخول شركات جديدة، أو الحؤول دون قيام الشركات الحالية بالدخول في عمليات اندماج واستحواذ، أو ـ وهذا أسوأ احتمال ـ إعطاء الشركات الأخرى القدرة على الاستفادة من المرافق التي أنشأتها الشركات القائمة بتكلفة كبيرة، هي بالتأكيد في غير محلها ومن الممكن أن تكون مؤذية.


الخلفية التي تقوم عليها هذه الفكرة هي أن كثيراً من الاحتكارات في القطاع الخاص والقطاع العام تم تفكيكها. فخلال مائة سنة كان خيارك الوحيد في الاتصالات هو ما تقدمه شركة الهاتف المحلية ولا مجال أمامك سوى قبول ذلك أو رفضه، لكن المستهلكون يتمتعون الآن بخيارات متنوعة بصورة مذهلة. وهم بالتأكيد لا يريدون المزيد. وينبغي بالتالي أن تتخذ أولويات السياسة العامة وجهة أخرى، هي تعزيز الاستثمار والابتكار. وما يهم الآن هو القدرة التنافسية على النطاق العالمي، وليس المحلي. ومن الملاحظ أن الوزارات الحكومية والأجهزة التنظيمية أكثر استعداداً بصورة متزايدة للقبول بهذه الحجج.


لكن التنافس والقدرة التنافسية لهما معان مختلفة في سياقات مختلفة. إن الاختيار بين شركتين متشابهتين تماماً، مثل الشركة ''أ'' والشركة ''ب'' مهم للشركة ''أ'' والشركة ''ب''، ولا يهم أي شخص آخر. وحين يَعرض عدد من الأدلاء السياحيين اللحوحين في القاهرة أن يأخذك أحدهم إلى أهرامات الجيزة، فإن قرارك يمكن أن يحدد ما إذا كانت عائلة دليل معين يمكن أن تحصل على طعامها ذلك اليوم. أما بالنسبة للزائر فالأمر لا يهم على الإطلاق.


الإدارات المسؤولة عن العلامات التجارية في بروكتر آند جامبل ويونيلفر وكرافت ونستله مهووسة بتفاصيل التعليب والمنتجات. لكن لا بد للشركات أن تعمل بجد للمحافظة على التمييز، لأن هذه الاختلافات هي بالضبط غير ذات بال بالنسبة للمستخدمين. وهكذا، فإن شركات المحاسبة والبنوك وشركات الهاتف الجوال تعتبر نفسها في منافسة حامية الوطيس، في حين يعتقد الزبائن أن جميع الشركات سواء. المنافسة من وجهة نظر الشركات تختلف تماماً عن المنافسة من وجهة نظر المستهلك.


كذلك المحاكم وأجهزة مكافحة الاحتكار تنظر إلى المنافسة بطريقة مختلفة هي الأخرى. وقد أنشأت خلال السنوات الأخيرة هيكلاً تحليلياً من عندها، وهو يتحدث عن عالم مختلف تماماً عن عالم شركات التسويق أو المستهلكين. فهذه الأجهزة تستخدم تعبيرات خاصة، مثل ''التقليل الذي لا يستهان به للمنافسة''، أو التعبير الغريب نوعاً ما ''زيادة صغيرة في السعر لا يستهان بها وغير عابرة''. بتعبير أبسط نقول إن اختبار التنافس الكافي هو ما إذا كان بمقدور شركة معينة رفع أسعارها دون أن تعاني خسارة غير قابلة للاستدامة من حصتها السوقية. وفي العادة فإن وجود أربع أو خمس شركات عاملة في صناعة معينة يعتبر كافياً لاجتياز الاختبارات اللازمة التي من قبيل ''الزيادة الصغيرة والمهمة في السعر'' أو ''التقليل الذي لا يستهان به للمنافسة''.


لكن منافع المنافسة لا تقتصر فقط على كونها تخدم حاجات المستهلكين في الوقت الحاضر، وإنما لكونها آلية للتكيف مع ما يحتاج إليه المستهلكون في الغد. وتأتي دينامية اقتصاد السوق من الابتكار في المنتجات والعمليات، والابتكار الجذري في المنتجات والعمليات غالباً ما يأتي ـ والواقع أنه عادة ما يأتي ـ من خارج هيكل السوق القائمة. شركة أبل تغير الآن طبيعة صناعة الهاتف، وتغير شركة أمازون طبيعة صناعة الكتب. لكن أي شخص كان ينظر إلى هاتين الصناعتين من وجهة النظر التسويقية، أو القانونية سيستنتج أنه كان هناك في الأصل قدر كاف من التنافس.


لا نستطيع إثبات أن الابتكار الجديد سيكون نافعاً للمستهلكين، لأنه حين يكون بمقدورك إثبات ذلك سيكون الابتكار الجديد الذي من هذا القبيل قد حدث بالفعل، وستعتبر واحداً من أصحاب المشاريع الناجحين وليس أحد مسؤولي الأجهزة التنظيمية أو القضاة. ومعظم الابتكارات مصيرها الفشل، وهذا هو السبب في أن أصحاب المشاريع الناجحين أكثر ثراءً من القضاة والعاملين في الأجهزة التنظيمية، وأصحاب المشاريع غير الناجحين أقل ثراءً منهم. لن يكون هناك أبداً قدر كاف من المنافسة، والاقتصاد الذي يتبنى وجهة النظر هذه هو الاقتصاد الذي يكون قد توقف عن التقدم.

 

 
عدد التعليقات 1
2724
 

التصنيف:
إرشاد
 
كلمات البحث:
 

Cannot create an object of type 'System.Int32' from its string representation 'AllNewsCommentsUserControl1' for the 'Id' property. 
at System.Web.UI.TemplateParser.ParseString(String text, VirtualPath virtualPath, Encoding fileEncoding) at System.Web.UI.TemplateParser.ParseFile(String physicalPath, VirtualPath virtualPath) at System.Web.UI.TemplateParser.ParseInternal() at System.Web.UI.TemplateParser.Parse() at System.Web.Compilation.BaseTemplateBuildProvider.get_CodeCompilerType() at System.Web.Compilation.BuildProvider.GetCompilerTypeFromBuildProvider(BuildProvider buildProvider) at System.Web.Compilation.BuildProvidersCompiler.ProcessBuildProviders() at System.Web.Compilation.BuildProvidersCompiler.PerformBuild() at System.Web.Compilation.BuildManager.CompileWebFile(VirtualPath virtualPath) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResultInternal(VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean throwIfNotFound, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResultWithNoAssert(HttpContext context, VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean throwIfNotFound, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResult(HttpContext context, VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.UI.TemplateControl.LoadControl(VirtualPath virtualPath) at MawhibaMainWebPart.MawhibaMainWebPart.loadUserControl()
 مقالات مرتبطة

 
 
 
عدد التعليقات 13
4715