مقالات
 
   
   
 
 

 
 
share on facebook   Tweet    
 
 
 
 
 

الإبداع بين التمرد والطاعة!

الكاتب:
فريق تحرير البوابة
 

 

 


في لعبة التمثيل؛ الطفلة "ليلى" تحب دائماً أن تُمَثِّل دور الطالبة المتفوقة المطيعة، أما "هند" فتحب أن تمثل دور الأستاذة، في حين أن "سارة" دائماً ما تتجادل مع "هند" كثيراً لأنها تريد أن تمثل دور الأستاذة فهي تريد أن تأمر وتنهى، ولا تحب أبداً أن يُؤمَر عليها، ولكن دائماً ما ينتهي بها الأمر إلى تمثيل دور الطالبة المشاكسة.


مثل هذه الرغبات تعد مؤشراً قوياً على أن ما أثبتته الدراسات حديثاً بأن إلقاء الأوامر واستعدادنا لقبولها هو جزء من طبيعتنا الاجتماعية، لكن ما هو مشاع عند البعض بأن القدرة على إلقاء الأوامر سمة قيادية وموهبة تؤهل صاحبها لمراتب عليا إذا ما اقترنت بمهارات ذكاء اجتماعي وقيادي، وبالمقابل فإن البعض يرى أن في الطاعة وقبول الأوامر في مجمله ضعفاً في الشخصية وتبعيةً في الرأي وقتلاً للإبداع كليةً.

 

معادلة:


حين تكون نسبة الطاعة= صفر؛ فإن النتيجة= فوضى!


لِأُوَضِّح أكثر؛ تخيل لو لم يكن هناك من هو مستعد لتقبل الأوامر؟ بالتأكيد، ستعُمُّ الفوضى، وتنقلب موازين الحياة. فهل من الممكن تخيل مجتمع بلا أفراد مطيعين وعاملين؟ وهل من الممكن تخيل شركة بلا موظفين منفذين للمهام والأوامر؟ وهل من الممكن تخيل أسرة بلا ولي يدير شؤونها ويضع القوانين فيحترمه البقية؟


بالطبع.. هذا مستحيل! 


وفي المقابل، يعد من سابع المستحيلات أيضاً أن يتقدم وطن وتبدع أمة لو اعتاد أفرادها الطاعةَ الكاملة، وقس على ذلك الشركة، ثم الأسرة كنماذج أصغر. فمن الصعب أن تُكمَّم الأفواه أو أن تجبر النفوس الطموحة إلى تنفيذ الأوامر دونَ أن يكونَ لهم رأياً إبداعياً مُطوِّراً، أو فكرةً ابتكاريةً تساهم في التقدم. وعليه، جاءت الحاجة إلى أدبيات سلوكية تضع الفرق بين الطاعة والانهزامية، وبين الإبداع والتمرد، ومن رحم هذه الأدبيات ظهرت العديد من الأساليب التربوية التي تساعد على تعليم الأبناء أو الطلبة الطاعة دونَ كسر لشوكتهم أو إحباطاً لإبداعهم.


الطاعة واجب شرعي، والإبداع لا يعني التمرد:


مما يجب التذكير به أن الطاعة ليست سلوكاً وليداً للفلسفات التربوية الحديثة، وإنما هي أمر شرعي قال به الله تعالى وفرضه على العباد، وحدَّد صفته، ولمن يوجه، فالطاعة لله ورسوله ثم لولي الأمر، سواء كان أماً أو أباً أو معلماً أو رئيساً للدولة، وحدد صفتها بأن تكونَ طاعةً في غير معصية الخالق، وأن تكون تامةً غير قابلة للأخذ والرد إذا كان الأمر إلهياً أو نبوياً، كما جاء في الآية الكريمة رقم 36 من سورة الأحزاب:

"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ "


أما البقية فيلزم طاعتهم طاعةً تتيح المجال للاختلاف بأدب، وتقديم الرأي بذوق إن كان مخالفاً، فالإبداع وإن كان يعني الخروج من الصندوق، والاختلاف عن الموجود، إلا أنه لا يعني التمرد، فأن تبدع في رأي جديد، وأن تعترض على نظام مُقتَرِحاً غيره، لا يمنحك الحق في تسفيه أو رفض النظام السابق، وإنما نقده بأسلوبٍ بناء يقيم الاعوجاج ولا يكسره. 


التربية على الطاعة تتأكد على المبدعين!


"بعض الأطفال الموهوبين والمُتمَكنِّين كسولين، كما أن منهم من يرى أن القدرة هي عمل الشيء كأبسط ما يمكن ثم تركه كما هو؛ لذا على الآباء والمهتمين والمعلمين أن يكونوا حازمين جداً في بعض الأوقات، فالحب الحقيقي يتطلب الشدة أحياناً."

 (Teare:2007)

 

قد يتسم بعض المبدعين بالاهتمام بمجال دون آخر، والملل من المذاكرة وحضور الدروس، رغم أن هذه الدروس قد تكسبهم من الناحية المعرفية ما يستطيعون به استغلال إبداعهم بشكل أفضل، ومثل ذلك الكثير من القضايا؛ فطالب لديه فكرة اختراع، ويتكاسل عن دراستها، وآخر يسهر كثيراً، لينام نهاراً، وثالث لا يهتم بتغذيته وفي الجسم السليم -كما نعلم- صحةٌ للعقل، ولمثلِ هذه القضايا يتأكد دور أولياء الأمور في القدرة على اكتساب طاعة الأبناء مما يعود عليهم بالأثر المتميز مستقبلاً. وكثيرون هم أولئك الناجحين الذين كان خلفهم آباء حازمون استطاعوا اكتساب طاعة أبنائهم ومن ثم تربيتهم على الجدية والمثابرة.

 

كيف أكسب طاعة أطفالي؟


لأن من شبَّ على شيء شاب عليه، فمن المهم محاولة غرس الطاعة كخلق وقيمة لدى الابن منذ الصغر بأساليب تربوية تجعل منها قيمة مضافة لشخصيته. لكن وقبل أن تطبِّق عليه أي من هذه الأساليب، حاوِل أن تقيس مدى طاعتهِ لك، وذلك من خلال تساؤلك بما يلي:


هل ابنك ينفذ طلبك من أول مرة؟ هل يأتيك وصوتك ما يزال هادئاً؟ أم هل ينتظر حتى تزداد حدة صوتك فيعلم أنك جاد في حديثك؟ أو حتى تعد إلى واحد.. اثنين.. ثلاثة.. وروتين "أحمد أنا جادٌ في ذلك"؟


فكر قليلاً، ثم قيٍّم سلوك أبنائك وابحث عن الحلول. وأحد أفضل الحلول لكسب طاعة الابن هي ما يلي:


*تعلمَّ كيف تأمر

نادِ باسمِ طفلك، وكرر النداء حتى ينظر إليك فتتأكد أنه يستمع إلى حديثك ويتأكد هوَ بأنك جاد فيما تقول، ثم آمِرَهُ بما تريد، وأعطِه أسباباً لأمرك، قد يكون لديه اعتراض، اسمعه حتى ينتهي لئلا يعتقد بأنك تُهمِّش رأيه، أو تُضعِف شخصيته، أو تُلغي تفكيره وإبداعه، ثم ناقِشه بمنطقيه، وكرِّر عليه أوامرك.


*ضع مجلِساً للعائلة

حينَ يُنفِّذ ابنك أوامرك برغبة فذلك لا يعني الانهزامية، وإنما هو خيار اختاره الابن بمحض إرادته، وأحد أبرز الأساليب التربوية لإيجاد هذه الرغبة هو أن توجد مجلساً للعائلة ليكن يومياً أو أسبوعياً إن شئت، تجتمع فيه مع العائلة وتتباحثون الرأي سوياً حول أبرز المهام القادمة على كل فرد، وأهم القواعد التي يجب الالتزام بها، وأبرز المشاكل التي واجهها كل فرد في العائلة مقترحينً حلاً متفقاً عليه بالإجماع.


 ومن المهم أن تكونَ واضحاً مع ابنك فتنبهه على السلوكيات المخالفة محذراً من تكرارها، وحاول دائماً أن تَضَع الكرة في ملعب الأبناء فتجعلهم هم من يقررون أسلوب العقاب والثواب. لا تقتل دافعيتهم فتكافئهم على كل أمر ينفذوه، فقد يتعلمون بذلك أن لكلِّ عمل مقابل مادي، وإنما -بدلاً- ليكن هناك بين حينٍ وآخر مكافآت مفاجِئة؛ كأن تُقرِّر رحلة برية أو بحرية جماعية، اشتراك جماعي لك وللأبناء في أحد الأندية، وغيرها من المفاجئات.


 بمثل هذا الأسلوب، سيُحِب الابن أن يكونَ مطيعاً، سيتعلم كيف يطرح رأيه، ويعبر عن وجهة نظره، سيكون له دوافعه الخاصة، وسيحرص دائماً أن يكون متميزاً ومبدعاً، والأهم ستكون له شخصيته المستقلة الواثقة!

 

المراجع:


Ricks, M. C. (2009, November 06). Teaching Children to Obey - The First Step. Retrieved on July 14, 2010, from HOUSE OF ORDER.COM: http://www.houseoforder.com
Shapiro, L. E. (1997). How To Raise a CHild With a High EQ. United States Of America : HarperCollins Publishers. Inc.
Teare, B. (2007). Help Your Talented Child. London: Continuum.
 

 
عدد التعليقات 6
3898
 

التصنيف:
إرشاد
 

Cannot create an object of type 'System.Int32' from its string representation 'AllNewsCommentsUserControl1' for the 'Id' property. 
at System.Web.UI.TemplateParser.ParseString(String text, VirtualPath virtualPath, Encoding fileEncoding) at System.Web.UI.TemplateParser.ParseFile(String physicalPath, VirtualPath virtualPath) at System.Web.UI.TemplateParser.ParseInternal() at System.Web.UI.TemplateParser.Parse() at System.Web.Compilation.BaseTemplateBuildProvider.get_CodeCompilerType() at System.Web.Compilation.BuildProvider.GetCompilerTypeFromBuildProvider(BuildProvider buildProvider) at System.Web.Compilation.BuildProvidersCompiler.ProcessBuildProviders() at System.Web.Compilation.BuildProvidersCompiler.PerformBuild() at System.Web.Compilation.BuildManager.CompileWebFile(VirtualPath virtualPath) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResultInternal(VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean throwIfNotFound, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResultWithNoAssert(HttpContext context, VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean throwIfNotFound, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResult(HttpContext context, VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.UI.TemplateControl.LoadControl(VirtualPath virtualPath) at MawhibaMainWebPart.MawhibaMainWebPart.loadUserControl()
 مقالات مرتبطة

 
 
 
عدد التعليقات 13
4765