لمنح براءة اختراع تشترط أنظمة براءات الاختراع في معظم دول العالم أن تنطبق على طلب البراءة ثلاثة شروط على الأقل وهي الجدة (أن يكون جديداً وغير مسبوق)، وأن يحتوي على خطوة ابتكاريه، وأن يكون قابلاً للتطبيق الصناعي، وتستثني هذه الأنظمة برامج الحاسوب من منح براءات اختراع لكونها لا تطبق صناعياً (لا ينطبق عليها الشرط الثالث) وقد نصّت هذه الأنظمة على استثناء برامج الحاسوب ضمن المستثنى من منح البراءة في أنظمتها وعليه يتم حماية برامج الحاسوب في هذه الدول تحت نظام حق المؤلف وليس نظام براءات الاختراع.

وينفرد نظام براءات الاختراع في الولايات المتحدة الأمريكية بكونه الوحيد –حتى الآن– الذي يمنح براءات الاختراع لبرامج الحاسوب وذلك لعدم اشتراطه التطبيق الصناعي لمنح البراءة مما سمح بمنح براءات اختراع لبرامج الحاسوب ولطرق مزاولة الأعمال (المستثناة أيضا في جميع أنظمة براءات الاختراع حول العالم وما يؤكد منح برامج الحاسوب براءات اختراع في الولايات المتحدة أن شركة Microsoft لها 8992 براءة اختراع في مكتب براءات الاختراع الأمريكي منها 1958 براءة فقط في عام 2007م، وشركة adobe لديها 492 براءة اختراع أمريكية منها 55 في عام 2007م فقط، ولم يعرف عن هاتين الشركتين غير إنتاج برامج الحاسوب.

وبالرغم من المحاولات الحثيثة لكبريات شركات البرمجة للحصول على براءات اختراع من مكتب براءات الاختراع الأوربي إلا أن محاولاتها جميعاً اصطدمت بصخرة التطبيق الصناعي في هذا المكتب وغيره من مكاتب براءات الاختراع في العالم.

تسعى هذه الشركات لحماية برامجها في كل دول العالم عبر نظام براءة الاختراع وليس نظام حق المؤلف لسبين رئيسيين: الأول: أن نظام براءات الاختراع يوفر الحماية محلياً في الدولة التي تم منح البراءة فيها ولا يتعداها لغيرها من الدول، وبالتالي فإن براءة الاختراع الأمريكية لا تكفي لتوفير الحماية في أي دولة عدا الولايات المتحدة. الثاني: نظام حق المؤلف غير كاف لحماية البرمجيات في أي مكان في العالم لكونه يمنع نسخ نفس البرنامج، ولا يمنع تقليد الفكرة الأساسية للبرنامج بشكل أخر من أشكال البرمجة أو الإخراج وإلا لاكتفت هذه الشركات بنظام حق المؤلف ولما سعت للحصول على براءات اختراع لبرامجها.

الاسم الحقيقي لنظام حق المؤلف هو حق النسخ copyright وليس حق المؤلف، ويقوم أساساً على منع النسخ غير المشروع للإنتاج الفكري ويعيب حفظ الحق القانوني تحت هذا النظام لبرامج الحاسوب أنه لا يمنع تقليد فكرة البرنامج بطريقة أخرى، أو لغة برمجة أخرى، أو حتى واجهات مستخدم مختلفة، ولكي نفهم معنى حق النسخ وفرقه عن نظام براءات الاختراع سنعرض لمثال يبين الفرق: تتعدد كتب الطبخ في الأسواق وكل منها يصف إعداد مأكولات مختلفة تتشابه معظمها في كثير من الكتب، ولم يمنع هذا من طباعة كتب جديدة، لمؤلفين جدد، تحتوى على وصفات لنفس الطبخات، لأن كل كتاب يعرض طريقة إعداد الطبخة نفسها بأسلوب مختلف. وبالتالي لكل من هذه الكتب حق مؤلف لا ينازعها فيه كتاب أخر، ولكن عندما يقوم أحدهم بإعادة طباعة الكتاب كما هو دون تصريح من مالك الحق يصبح متعدياً على حق المؤلف،8 وكذلك الحال أو قام احدهم بنسخ الكتاب وبيع نسخ منه وحق المؤلف هنا لا يمنع مشتري ا يمن هذه الكتب من أن يطبع أيا من الوصفات المذكورة فيها ولا يعاقبه على ذلك، كما لا يمنع أي شخص وهنا لا يعتبر متعدياً لأنه لم ينسخ الكتاب بل طبق ما جاء فيه من أفكار فقط أي أن نظام حق المؤلف (أو حق النسخ) لم يمنع استخدام الأفكار الواردة في الكتاب وتطبيقها تجاريا.

وفي نظام براءات الاختراع يمكن نسخ وثيقة البراءة وتوزيعها لكونها توزع مجاناً على مواقع كبريات مكاتب براءات الاختراع على الانترنت، وعبر مطبوعاتها، وغيرها من المواقع التي تقدم خدمة توفير وثائق البراءات على الانترنت، ولا يتقاضى معظم مقدمي هذه الخدمة أي رسوم مقابل توفيرها لمن يزيد ولكن إن أراد أحدهم استخدام المعلومات الواردة في براءة منشورة، وإعادة استخدام الفكرة بتطبيقها صناعياً في الدول التي تم حماية البراءة فيها لأصبح متعديا على البراءة.

وبالمقارنة بين تطبيق فكرة الاختراع وبيعه من قبل غير مالك البراءة تحت نظام براءات الاختراع، وبين تطبيق وصفة إعداد طعام وبيعه من قبل غير المؤلف تحت نظام حق النسخ أو حق المؤلف، نجد أن الفكرة تحمي من التطبيق غير المشروع في نظام براءات الاختراع ولا تحمي الفكرة من التطبيق تحت نظام حق النسخ (حق المؤلف) لأن تطبيقها حق مشروع.

تقوم شركات البرمجيات بتطوير برامج جديدة ثم تطرحها في الأسواق بعد حمايتها بنظام حق المؤلف (حق النسخ)، ثم تقوم شركة أخرى بعد اطلاعها على البرنامج بتنفيذ نفس فكرة البرنامج بلغة برمجة مختلفة أو واجهات مستخدم مختلفة أو طريقة أداء مختلفة أو كلها معاً، ثم تطرحها تجارياً في الأسواق، وتحظى بحماية حق المؤلف أيضا (قياساً على كتب الطبخ) على برامجها التي قلدت فيها الفكرة الأساسية للمطور، ولا يعد هذا تعدياً على حق المؤلف المالك، ومطور البرنامج الأصلي، والذي يعد تعدياً فقط هو إعادة نسخ نفس البرنامج وطرحه تجارياً فنظام حق المؤلف لا يمنع استخدام نفس فكرة البرنامج في إصدار جديد ومختلف ولكن يمنع نسخ البرنامج كما هو وإعادة بيعه.

تبين لنا كيف أن نظام حق المؤلف قاصر عن حماية برنامج الحاسوب بالشكل الكافي، وبالتالي ينبغي أن تتم حماية برامج الحاسوب تحت نظام براءات الاختراع لما في ذلك من منفعة للمستهلك باستمرار شركات البرمجيات وظهور شركات جديدة. ومن شأن تطوير نظام براءات الاختراع المحلي ليستوعب برامج الحاسوب أن يسمح ببزوغ شركات برمجيات محلية قادرة على المنافسة العالمية ببرامج متميزة، فلا نريد أن نتخلف عن ركب مطوري البرامج لعدم توفر الحماية الكافية للمطور المحلي.