النظم التربوية اليوم كثيراً ما تعجز عن فهم ما يجري داخل الأطفال الموهوبين، لاسيما حين تكون البرامج الدراسية المقدمة إليهم لا تراعي قدراتهم الفريدة، ولا تراعي حاجاتهم للتعلم في المجال الذي يحبون، وبالسرعة التي يريدون .
وفي كثير من الأحيان فإن عقد المشابهات توضح الأمور أكثر من الشروح المفصلة، وفيما يلي مجموعة من المشابهات نأمل أن تلقي بعض الضوء على مفهوم الموهبة:
(1) حجم الحذاء
تخيل أن (موهوباً) وقف بباب دكان بيع الأحذية (المدرسة)، ولا يوجد في الدكان إلا أحذية مقاس 38 (المنهاج)، والموهوب يلبس أحذية مقاس 42 .
رحب به صاحب الدكان (المعلم) قائلاً: هل تلبس أحذية مقاس 38؟
فقال له الموهوب: أنا ألبس أحذية مقاس42، هل لديك أحذية بهذا المقاس؟
فقال له صاحب الدكان: جرِّب هذا الحذاء !
فقال له الموهوب: لا أستطيع أن ألبسه !
فقال له صاحب الدكان: ما المشكلة في الحذاء؟!
فقال له الموهوب: لا مشكلة في الحذاء، إنه حذاء جميل، ولكنه لا يطابق "مقاسي "!
فقال له صاحب الدكان: جرِّب الآن بعد وضع هذا الرباط الجميل للحذاء (مادة إثرائية(
فقال له الموهوب: أرى أن المقاس قد أصبح 39، ولم يصل إلى 41 !
فقال له صاحب الدكان: ما المشكلة في قدمك ؟!
فقال له الموهوب: لا مشكلة في قدمي، إن قدمي جميل، ولكن حذاءك لا يطابق "مقاسي"! ثم تخيل أنني ضغطت قدمي في الحذاء! كيف سأمشي به؟ وكم سأمشي به ؟!
المغزى: إن الحذاء الجميل لا يناسب القدم الجميل إلا إذا تطابقا في "المقاس " !
(2) سباق الماراثون
انظر إلى سباق الماراثون! كم إنساناً يشارك فيه؟ آلاف! وهذه الآلاف لكل واحدٍ منها بارقة أمل بأنه سيفوز، ولكن الذين يفوزون حقيقة هم من 8 إلى 15 شخصاً على أقصى تقدير، فماذا سيكون الحال بالنسبة للالآف التي لم تفز؟! وماذا سيكسبون من كونهم جزءاً من هذه المغامرة الميؤوس منها؟!
إن القيمة والفائدة لهم هو كونهم جزءاً من العملية، وجزءاً من الحدث، حيث إن كل واحد/ة قد تنافس مع نفسه فكسب الثقة بالنفس، والقدرة على المنافسة من خلال التدريب .
إن سرعة الفائزين ونجاحهم لا تقلل بأي حال من الأحوال من إنجازات المتسابقين الآخرين.
أليس جديرا بالتقدير نجاح الفائزين؟ بالتأكيد! إنهم يستحقون إعجابنا وهتافنا..
إن الإنجاز الكبير دائماً ما يكون ثمرة العمل الجاد والتفاني المدعوم بالموهبة.
وبتكريم الموهبة والنبوغ ينتعش المجتمع بأسره !
(3) كرة السلة
تخيل أن طالباً في المرحلة الإعدادية يلعب كرة السلة في فريق المدرسة، وهذا الطالب هو نجم الفريق لأنه هو الأطول قامة، وهو على درجة معقولة من الذكاء، وهو يعشق هذه اللعبة ويستمتع بها .
بعدها، أخذ يتراجع في مستواه لكثرة الثناء والمديح الذي كان يتلقاه من الجمهور والزملاء، انتبه المدرب إلى هذا الوضع، أخذ هذا الطالب إلى النادي ليتدرب مع الفريق هناك حيث اللاعبين الأكبر منه سناً، والأطول منه قامة، والأكثر منه خبرة، أحس بالضيق لأنه لم يعد نجم الملعب! فكانت صدمة لثقته بنفسه ولغروره، ولكنه تعلم من التجربة .
المغزى: احذر من الطفل الذي يعتز بنفسه من خلال إنجازات يحصل عليها بسهولة !.