جلست بالأمس القريب إلى عضو مجلس إدارة إحدى أنجح الشركات في العالم العربي. تجاذبنا أطراف الحديث، فوجدتني أسأله: ما سر نجاحكم من وجهة نظرك؟!
أجابني على الفور وبلا مواربة: قيمنا!
تعجبت، وارتسمت علامات الاستفهام على وجهي، فعلم الرجل مما اتسع من فيّ الفاغر، أنني لم ألتقط الإرسال جيداً.

قال لي: لعلك تتعجب أني أتحدث عن قيم في التجارة. ثق تماماً أن النجاح بلا قيم غير مكتمل العناصر. لذلك حرصنا أن نركز على أربع قيم في شركتنا، وجعلناها مكتوبة أمام صغار موظفينا قبل كبارهم على مكاتبهم وفي مراسلاتنا وفي مخاطباتنا وبقينا نراجع مستوى تطبيقنا لهذه القيم، وكلما وجدنا أنفسنا نطبقها أكثر، كانت النتائج أكثر إيجابية، وأصبح النجاح في متناول أيدينا.

عاجلته بأن يحدثني عن هذه القيم، فعدَّدَها: التواضع، والعزم، والإتقان، والأمانة.
طلبته بمزيد شرح، جعله يؤكد لي أن من لا يتواضع، في شخصه وآرائه، يعاني من ظنه أنه يحتكر الحق، ومن يحتكر الحقيقة لا يراجع مسيرته، ومن لا يراجع مسيرته، لن يكتشف أخطاءه، ومن يستمر على ممارسة الخطأ يدمن الفشل.

وبلا عزم لا يمكنك أن تكون خلاّقاً ولا معطاء. والتواضع بلا عزيمة دروشة، والعزيمة بلا تواضع كِبر، وكلاهما أدوات رئيسة للفشل.

سألته عن الإتقان؟! فرد: كل منتج يفتقر إلى الإتقان والجودة، سيواجهه العميل أو المتلقي بالرفض، ولو كان منتجك متقناً وجيداً، لكنك لم تسوقه بالعزيمة، وتتواضع في التعاطي مع الخصوم والعملاء، فإن مصير بضاعتك البوار بلا شك.

ماذا بقي؟!
الأمانة، فمن لا تأتمنه في تقديم عمله، فلا تستطيع أن تعيش معه، ولا أن تعمل معه، وبالتالي، لن تجد ما يقدمه جديراً بالقبول، فالشك بأنه قد يغدر بك يوماً، سيجعلك تتعاطى مع منتجه بالريبة والحذر والشك. وفقدان الثقة يمكن أن ينسف العلاقة بين التاجر وعملائه.
قال أبو عبدالله: لعمري إن هذه قيم النجاح في كل شأن، وليست حكراً على التجارة!