مقالات
 
   
   
 
 

 
 
share on facebook   Tweet    
 
 
 
 
 

هل يخرج من المبتعثين "أوساهير" سعودياً؟!!

الكاتب:
سامي المالكي
 

 


"أوساهير" هو الطالب الياباني الذي نقل قوة أوروبا إلى اليابان، ونقل اليابان إلى الغرب. يقول " أوساهير" الذي بعثته حكومته للدراسة في ألمانيا "لو أنني اتبعت نصائح أستاذي الألماني الذي ذهبتُ لأدرس عنده في جامعة هامبورج لما وصلتُ إلى شيء، كانت حكومتي أرسلتني لأدرس أصول الميكانيكا العلمية، وكنت أحلم بأن أتعلم كيف أُصنّع محركاً صغيراً.


كنت أعرف أن لكل صناعة وحدة أساسية، أو ما يسمى بالموديل، هو أساس الصناعة كلها، فإذا عرفت كيف تُصنع وضعت يدك على سر هذه الصناعة كلها، وبدلاً من أن يأخذني الأساتذة إلى معمل أو مركز تدريب عملي أخذوا يعطونني كتباً لأقرأها، وقرأت حتى عرفت نظرية الميكانيكا كلها، ولكنني ظللت أمام المحرك - أيا كانت قوته - وكأنني أقف أمام لغز لا يُحلّ، وفي ذات يوم قرأت عن معرض محركات إيطالية الصنع، كان ذلك أول الشهر، وكان معي راتبي، ووجدت في المعرض محركاً بقوة حصانين، ثمنه يعادل مرتبي كله؛ فأخرجت الراتب ودفعته، وحملت المحرك، وكان ثقيلاً جداً، وذهبتُ إلى حجرتي، ووضعته على المنضدة وجعلتُ أنظر إليه، كأنني أنظر إلى تاج من الجوهر، وقلت لنفسي: هذا هو سر قوة أوروبا، لو استطعتُ أن أصنع محركاً كهذا لغيرت تاريخ اليابان، وطاف بذهني خاطرٌ يقول: إن هذا المحرك يتألف من قِطَع ذات أشكال وطبائع شتى، مغناطيس كحذوة الحصان، وأسلاك، وأذرع دافعه وعجلات وتروس، وما إلى ذلك، لو أنني استطعتُ أن أفكك قِطَع هذا المحرك وأعيد تركيبها بالطريقة نفسها التي ركبوها بها، ثم شغلته فاشتغل أكون قد خطوتُ خطوة نحو سر (موديل) الصناعة الأوروبية، وبحثتُ في رفوف الكتب التي عندي حتى عثرت على الرسوم الخاصة بالمحركات، وأخذت ورقاً كثيراً، وأتيت بصندوق أدوات العمل، ومضيت أعمل، رسمتُ المحرك، بعد أن رفعت الغطاء الذي يحمل أجزاءه، ثم جعلت أفككه قطعة قطعة، وكلما فككتُ قطعة، رسمتها على الورقة بغاية الدقة، وأعطيتها رقماً، وشيئاً فشيئاً فككته كله، ثم أعدتُ تركيبه، وشغلته فاشتغل.


كاد قلبي يقف من الفرح. استغرقت العملية ثلاثة أيام، كنتُ آكل في اليوم وجبة واحدة، ولا أصيب من النوم إلا ما يمكنني من مواصلة العمل، وحملتُ النبأ إلى رئيس بعثتنا، فقال: حسناً ما فعلت، الآن لا بد أن أختبرك، سآتيك بمحرك متعطل، وعليك أن تفككه وتكشف موضع الخطأ وتصححه، وتجعل هذا المحرك العاطل يعمل، وكلفتني هذه العملية عشرة أيام، عرفتُ أثناءها مواضع الخلل، فقد كانت ثلاثٌ من قطع المحرك بالية متآكلة، صنعتُ غيرها بيدي، صنعتها بالمطرقة والمبرد. بعد ذلك قال رئيس البعثة: عليك الآن أن تصنع القِطَع بنفسك، ثم تركبها محركاً، ولكي أستطيع أن أفعل ذلك التحقتُ بمصانع صهر الحديد وصهر النحاس والألمنيوم بدلاً من أن أعد رسالة الدكتوراه كما أراد مني أساتذتي الألمان! تحولتُ إلى عامل ألبس بذلة زرقاء ووقفتُ صاغراً إلى جانب عامل صهر المعادن.

 
كنت أطيع أوامره كأنه سيد عظيم حتى كنت أخدمه وقت الأكل مع أنني من أسرة ساموراي، ولكنني كنت أخدم اليابان، وفي سبيل اليابان يهون كل شيء. قضيت في هذه الدراسات والتدريب ثماني سنوات، كنت أعمل خلالها ما بين عشر وخمس عشرة ساعة في اليوم، وبعد انتهاء يوم العمل كنت آخذ نوبة حراسة، وخلال الليل كنتُ أراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة. وقد علم الميكادو الحاكم الياباني بأمري؛ فأرسل لي من ماله الخاص خمسة آلاف جنيه إنجليزي ذهب اشتريتُ بها أدوات مصنع محركات كاملة وأدوات وآلات، وعندما أردتُ شحنها إلى اليابان كانت نقودي قد فرغت؛ فوضعت راتبي وكل ما ادخرته، وعندما وصلتُ إلى (نجا زاكي) قيل إن الميكادو يريد أن يراني فقلت: لن أستحق مقابلته إلا بعد أن أنشئ مصنع محركات كاملاً. استغرق ذلك تسع سنوات، وفي يوم من الأيام حملت مع مساعدي عشرة محركات من (صنع اليابان) قطعة قطعة، حملناها إلى القصر، ودخل ميكادو، وانحنينا نحييه، وابتسم وقال: هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي، صوت محركات يابانية خالصة. هكذا ملكنا (الموديل)، وهو سر قوة الغرب، نقلناها إلى اليابان، نقلنا قوة أوروبا إلى اليابان، ونقلنا اليابان إلى الغرب".


ربما الكثير يعرف هذه القصة للطالب الياباني، وأوردتها هنا لبث الروح في أبناء وبنات هذا الوطن الغالي؛ ليحذوا نحو ما حققه "أوساهير" الذي كان له الفضل في جعل اليابان بلداً صناعياً من الدرجة الأولى؛ فهناك الآلاف من المبتعثين في الخارج نأمل بأن يرجعوا إلى بلدهم بما أتى به "أوساهير" إلى بلده.

 
عدد التعليقات 5
4750
 

التصنيف:
إرشاد
 

Cannot create an object of type 'System.Int32' from its string representation 'AllNewsCommentsUserControl1' for the 'Id' property. 
at System.Web.UI.TemplateParser.ParseString(String text, VirtualPath virtualPath, Encoding fileEncoding) at System.Web.UI.TemplateParser.ParseFile(String physicalPath, VirtualPath virtualPath) at System.Web.UI.TemplateParser.ParseInternal() at System.Web.UI.TemplateParser.Parse() at System.Web.Compilation.BaseTemplateBuildProvider.get_CodeCompilerType() at System.Web.Compilation.BuildProvider.GetCompilerTypeFromBuildProvider(BuildProvider buildProvider) at System.Web.Compilation.BuildProvidersCompiler.ProcessBuildProviders() at System.Web.Compilation.BuildProvidersCompiler.PerformBuild() at System.Web.Compilation.BuildManager.CompileWebFile(VirtualPath virtualPath) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResultInternal(VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean throwIfNotFound, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResultWithNoAssert(HttpContext context, VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean throwIfNotFound, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.Compilation.BuildManager.GetVPathBuildResult(HttpContext context, VirtualPath virtualPath, Boolean noBuild, Boolean allowCrossApp, Boolean allowBuildInPrecompile, Boolean ensureIsUpToDate) at System.Web.UI.TemplateControl.LoadControl(VirtualPath virtualPath) at MawhibaMainWebPart.MawhibaMainWebPart.loadUserControl()
 مقالات مرتبطة

 
 
 
عدد التعليقات 0
1604
 

 
 
 
عدد التعليقات 16
4386